شهدت مدينة مراكش، صباح اليوم الأربعاء، افتتاح الدورة الثانية من أكبر معرض للتكنولوجيا والشركات الناشئة في إفريقيا. الجلسة الافتتاحية للمعرض تميزت بحضور مسؤولين مغاربة وأجانب، حيث ألقى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، كلمة أكّد فيها أن الحكومة المغربية تضع التحول الرقمي في مقدمة أولوياتها. كما كشف عن قرب إطلاق إستراتيجية “المغرب الرقمي 2030” التي تم إعدادها بالتعاون بين مختلف الفاعلين في القطاعين العام والخاص.
إستراتيجية المغرب الرقمي 2030
في كلمته الافتتاحية خلال الدورة الثانية لمعرض “جيتكس أفريقيا”، الذي يستمر في مراكش من 29 إلى 31 مايو الجاري، أشار رئيس الحكومة إلى العمل المشترك بين مختلف الجهات لتطوير إستراتيجية “المغرب الرقمي 2030”. هذه الإستراتيجية، التي أُعدّت في إطار اللجنة الوطنية للتنمية الرقمية، تركز على محورين أساسيين: رقمنة الخدمات العمومية وبث دينامية جديدة في الاقتصاد الرقمي لخلق حلول رقمية مغربية، وتوفير القيمة المضافة وفرص العمل.
التكوين والتعاون
أكد أخنوش أن التحدي الأساسي لإنجاح هذه الإستراتيجية هو تكوين المواهب والكفاءات الشابة بجودة وكفاءة عالية. لتحقيق ذلك، وقعت المملكة المغربية اتفاقية عام 2023 تهدف إلى مضاعفة عدد الخريجين في المجال الرقمي ثلاث مرات بحلول عام 2027. وأضاف أن المغرب أبرم مجموعة من الاتفاقات مع شركات عالمية رائدة في تكنولوجيا المعلومات والبحث والتطوير، مما سيسرع من التحول الرقمي ويعزز الإمكانيات البشرية المحلية المتخصصة.
أهمية التحول الرقمي
أوضح رئيس الحكومة أن التحول الرقمي ليس مجرد ترف تكنولوجي، بل هو محفز أساسي لتعزيز التعاون بين البلدان الإفريقية. وأكد أن التحول الرقمي يقدم حلولاً ملموسة للتحديات التي تواجهها القارة، ويحفز التنمية المستدامة، ويوفر بيئة مواتية لتعميق التكامل بين دول إفريقيا.
منصة جيتكس أفريقيا
اعتبر أخنوش أن “معرض جيتكس أفريقيا المغرب” يعد منصة متميزة لمناقشة المحفزات الرئيسية التي ستمكن القارة الإفريقية من وضع نفسها كمستهلك ومنتِج للتكنولوجيا الرقمية. ودعا إلى مواكبة العصر الرقمي بجرأة وعزيمة، مشيراً إلى أن الوقت قد حان لكي تكتب إفريقيا فصلاً جديداً من تاريخها يكون فيه الابتكار الرقمي المحرك الأساسي للتقدم.
رؤية الملك محمد السادس
أكد رئيس الحكومة أن هذا المعرض يتماشى مع رؤية الملك محمد السادس، التي تهدف إلى تقوية روابط الأخوة والصداقة وتعزيز المبادلات التجارية بين دول القارة لتحقيق النجاح المشترك. واستحضر الرسالة الملكية إلى المشاركين في اجتماع “التجمع الإفريقي لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية للدول الإفريقية” في يوليو 2022، والتي شددت على أن التكنولوجيا الرقمية تشكل تحولاً بنيوياً في مقاربتنا للعالم المحيط بنا.
تأثير التكنولوجيا الرقمية
أوضح أخنوش أن التكنولوجيا الرقمية تُظهر أنها رافعة أساسية للاقتصاد الدولي وخاصة للقارة الإفريقية. استشهد بتقرير البنك الدولي الذي أشار إلى إمكانية أن يضيف التحول الرقمي 712 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي لإفريقيا بحلول عام 2050، معتبراً ذلك إمكانات هائلة لتحفيز النمو الاقتصادي وإحداث تحول في القارة.
التعاون بين الدول الإفريقية
أشار أخنوش إلى أن التحول الرقمي يسهل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للقارة الإفريقية. ولفت إلى أن التجارة بين دول إفريقيا ستستفيد بشكل كبير من الرقمنة، مما يسهم في تبسيط المعاملات التجارية وتقليل التكاليف وتعزيز الكفاءة. كما حث على تحفيز الابتكار عبر مضاعفة أعداد حاضنات التكنولوجيا والهاكاثونات والمقاولات الرقمية الناشئة.
التكنولوجيا المالية والإدماج المالي
شدد أخنوش على دور التكنولوجيا المالية في تكامل الأسواق المالية الإفريقية، مؤكداً أن خدمات الدفع عبر الهاتف المحمول ومنصات التمويل الجماعي والخدمات البنكية عبر الإنترنت تعزز الإدماج المالي وتقلل الحواجز أمام دخول الشركات والمستهلكين. كما أشار إلى دور التكنولوجيات الرقمية في تحسين الخدمات العمومية وتعزيز شفافية الحكومات.
تعد الدورة الثانية لمعرض “جيتكس أفريقيا” فرصة هامة لمناقشة وتعزيز التحول الرقمي في إفريقيا. من خلال التزامها بالتحول الرقمي، تسعى المغرب إلى تحقيق تنمية مستدامة وتكامل اقتصادي واجتماعي مع الدول الإفريقية، مما يمهد الطريق لتحقيق إمكانات القارة الإفريقية في القرن الحادي والعشرين.