هل تعرف علي بن بري؟

ولد العالم البار والعلامة الفذ أبو الحسن علي بن بري التازي التسولي في بلده تازة سنة 660 هجرية، حيث بدأ مسيرته العلمية والتعليمية الأولية تحت إشراف والده، الذي كان يحظى بلقب الشيخ في أدبيات ذلك الوقت. كانت تازة، خلال فترة نشأته، من المراكز الثقافية المهمة في المغرب، حيث نمت حولها الحركة العلمية والأدبية بكافة فروعها.

ترعرع أبو الحسن في زقاق يُدعى الزفانين في نفس المدينة، حيث تفاوتت أسماء شيوخه وتفوقهم في مجالات العلم والأدب، وأخذ منهم العلم بمختلف فروعه، من القراءات والنحو والعروض والشرعيات، وقد أتى معظمهم من الأندلس، مثل أبي الحسن علي بن سليمان الأنصاري القرطبي، ومالك بن المرحل المالقي، وأبي جعفر بن الزبير الغرناطي، والفقيه الخطيب أبو الربيع سليمان بن حمدون الشريسي، الذي نسب إلى بلدة شريس جنوب الأندلس، والذي وافته المنية في تازة سنة 709 هجرية، حيث دُفن إلى جانب تلميذه علي بن بري في الروضة المعروفة.

أثناء حياته، اشتهر أبو الحسن بحفظه للقرآن الكريم برواية نافع عن طريق ورش وقالون، وأخذ على عاتقه تعلم علوم عصره وتفنن فيها، ولاسيما ما يتعلق بعلم القراءات والحفظ والتجويد والقواعد المتصلة بها، فضلاً عن علوم اللغة والعروض ومخارج الحروف.

كان أمراء المرينيين ورؤساؤهم يهتمون بشؤون العلماء والفقهاء بمعايير تلك الفترة، مما جعلهم يقربون منهم، خاصة في مجال الفقه المالكي، وبالتالي فقد تقلّد أبو الحسن خطط القضاء والكتابة لتهذيب أمرائهم وأولياء عهدهم، وتكوين المجتمع الإسلامي بالمغرب.

شكل العلامة علي بن بري التازي معلمةً شامخةً خلال هذا العصر، الذي نشطت فيه الحركة العلمية والأدبية بكل فروعها. وكان لتازة حظ وافر من هذا الاهتمام، حيث أسس المرينيون بها دار الإمارة وبنوا المساجد والمدارس، وكانوا ينزلون بها ويتفقدون أحوال الناس منها. وقد رحل إليها كثيرٌ من أهل العلم والأدب.

ظل ابن بري يواصل نشاطه العلمي في مدينة تازة، وأخذ على يديه العلم كل من الأديب عمرو بن أحمد الميمون الفشتالي، وابن العشاب التازي، والقاضي عيسى الترجالي، وكان هذا الأخير أحد طلبة تازة وعدولها. وأثناء توليه خطة القضاء بتازة، قام بطلب المساعدة من أستاذه علي بن بري لدى السلطان المريني أبي سعيد، وتقلد ديوان الإنشاء، مما يؤكد مكانته الفقهية والأدبية.

وهكذا واصل تدريسه في كل من تازة وفاس، واختص بعلوم التجويد والقراءات وعلوم اللغة والعروض، وأثمرت جهوده أرجوزةً مشهورةً في علم القراءات أطلق عليها اسم “الدرر اللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع”. وبجانب الأرجوزة، خلف ابن بري التازي مؤلفات أخرى في الفقه، خاصة، ثم في العروض، مما جعله مرجعًا هامًا في إيقاع الشعر والجانب العروضي.

اشتهرت منظومة “الدرر اللوامع” شرقاً وغرباً وعبر أنحاء العالم الإسلامي كمرجع أساس في علم القراءات، حتى بلغت شروحها خمسين شرحاً. وكانت تدرس بجامعة الزيتونة حتى عهد قريب. وتوفي ابن بري ببلده تازة، حيث دُفن هناك، رحمه الله، سنة 730 هجرية، بعد أن بلغ السبعين على الأرجح.

لا تنسى وأنت مار بجانب ثانوية علي بن بري أن تتذكر من هي هذه الشخصية التازية العظيمة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *